11/01/2017

أبانوب / حمزة - قصة قصيرة



اقترب ببطء من المكان المظلم و حاول اختراق الحشود الضخمة من المواطنين المتجمعين حول الحادث
لا جديد ..هو حادث اخر في حي من أحياء العاصمة القديمة ...متطرف دينيا يطعن متطرف دينيا اخر بعد نقاش حول الشروط الصحيحة للنقاب استند أحدهم أن العينين يمكن أن يظهرا في النقاب الصحيح بينما قال القاتل أن العينين فتنة و بالتالي لا يمكن أن يظهرا و اتهم الأول بأنه ديوث و لا دين له ولا عرض و قام بطعنه عدة مرات بعد ترديد الشهادتين.

كان الجميع في انتظار وصول الشرطة المحلية و هو جهاز جديد تم استحداثه منذ أعوام عقب الثورة الإسلامية الثانية و  جميع العاملين به من المناطق الشعبية و يقع بمثابة حلقة وصل بين الشرطة العادية و الجماهير الغفيرة التي تسكن خارج العاصمة الجديدة و قد انشأ هذا الجهاز بعد تكرار الاعتداءات من الجماهير على رجال الشرطة و خصوصا بعد فتاوى الشيوخ المقيمين بالخارج بتكفير كل من يعمل في جهاز الدولة التي لا تطبق شرع الله .

تخطى الجموع و اتجه الي منزله و أشعل شمعة فالتيار الكهربي كان منقطع بعد أن أصبح نصيب كل منطقة من الكهرباء 3 ساعات يوميا .
كان  عائدا من المسجد بعد  أداء السنة و الفروض حتى لا يتهمه أحد من أهالي الحي بترك الصلاة و خصوصا بعد مقتل شاب متطرف على يد متطرف اخر لأنه ترك صلاة السنة بعد الظهر و خرج مباشرة من المسجد  الي داره التي لا تبعد كثيرا

منذ أكثر من عشرين عام قامت الحكومة باعلانها توقف الدعم عن الكهرباء و البنزين و المواصلات و الخبز ف ارتفعت الأسعار بشكل جنوني مما أدى الي اشتعال ثورة وصفت لاحقا بأنها إسلامية تم اخمادها بعد عدة أسابيع مخلفة الاف الضحايا و عندما قامت الثورة الثانية ( التي وصفت لاحقا بأنها إسلامية أيضا )  لم تتدخل القوات الحكومية في العاصمة القديمة على الاطلاق بل انتظرت حتى اقترب المتظاهرون من حدود العاصمة الجديدة و قاموا باطلاق النيران و بعدها تم – بشكل غير رسمي – تقسيم الحدود بين العاصمتين القديمة و الجديدة.

لم تتدخل الدولة لحماية الأقباط بعد اعلان الامارة الإسلامية في العاصمة القديمة مما دفع الأٌقباط الي محاولات النجاة بشكل فردي مخلفين أكبر عملية إبادة عرقية في التاريخ الحديث
العاصمة الجديدة لم تقبل فقراء الأقباط الذين حصل بعض منهم على لجوء لدول غربية بينما اضطر الأغلبية الي اشهار اسلامهم و العودة الي ديارهم في العاصمة القديمة و كان أبو ( أبانوب ) منهم .
شهور قليلة عقب العودة و تبديل الدين توفى ( ماهر سيد جرجس ) مخلفا أرملة تدعى مريم أو عائشة بعد أن بدلت اسمها و ارتدت النقاب و ابنا وحيدا هو أبانوب الذي تحول الي حمزة و انخرط في الحياة في العاصمة الإسلامية .
انخرط حمزة في صفوف الكتاتيب الإسلامية التي عاودت و بقوة بعد اغلاق جميع المدارس المدعوة علمانية و أتم تعليمه بها ليحصل على وظيفة ( غفير ) و هي وظائف خصصت لمن كان من أصل مسيحي ( نصراني ) باللغة الحديثة و تم تخصيص مرتب بالعملة الجديدة( دينار ) له.
كان يحيا وحيدا في دار أبيه القديمة و لذا لم يكن بحاجة لكثير من المال. فقط ما يكفي أكله و شربه و فواتير الكهرباء ( التي تأتي 3 ساعات يوميا )
كان قد حصل اليوم و بشكل غير مباشر على مجموعة من الأفلام من العاصمة الجديدة ..نعم ..هؤلاء الكفار الذين يعيشون في انحلال ديني و أخلاقي ..
هل كان أبانوب/ حمزة مسلما حقا ؟؟ لا يدري .كل ما يعلمه أن له أجداد كفرة و أن الله أنعم عليه بالإسلام و أن خارج العاصمة القديمة ديار كفر يعد الجميع العدة لسحقها منذ أعوام و لا يبدو أن هذا سيحدث
حمزة يواظب على الصلاة و الصيام للاستعداد لمحاربة الكفار و دروس الشيخ مصعب عبد الجبار تقول أن أول جهاد الكفار هو جهاد النفس بالصيام و الصلاة.

حمزة لا يقرب النساء طبعا و لا يمارس العادة السرية – بارادته – حيث أنه أحيانا يضبط فراشه متسخ في الصباح بعد حلم جميل
حمزة ينتظر الحرب على الكفار لشغل وقته ..فعمله ممل و حياته مملة و لا جديد فيها ..كان قد سمع درس الشيخ مصعب الذي يتحدث عن الجهاد و السبايا عدة مرات و أخذ خياله يرسم صورا أجمل مما قاله الشيخ عن أجساد النساء في أراضي الكفار و عن جواز
الاستمتاع بنكاحهم كأسرى

عادت الكهرباء ف أسرع حمزة اللي مشغل الفيديو الذي عاد ينشتر مرة أخرى كما كان في ثمانينات القرن الماضي أي منذ مائة عام .
سريعا قام حمزة بتشغيل الفيلم ..كانت هناك امرأة في بدايته تضع غطاءا للرأس و  تتحدث بالعامية المحلية القديمة ( لغة الكفار كما يقول الشيخ مصعب في درسه المعنون " انا انزلناه قرانا عربيا " )  
كان وجهها مكشوفا و جزءا من رقبتها , لم ير في حياته وجه امراءة فلم يتحمل ..خرج منه سائل الحياة بقوة بعد عدة مداعبات بسيطة لعضوه
استلقى على ظهره متعبا  و قد نقلت الكاميرا مباني نظيفة و أناس يتحدثون في مرح  في دار سينما مفتوحة تعرض فيلما بلغة أجنبية ( كانت عقوبة تعلم أو تحدث اللغات الأجنبية هي عقوبة الافساد في الأرض و هي قطع الأيدي و الأرجل من خلاف )

و بعد العرض قام البعض فأقاموا الصلاة و صلوا جماعة ..أوقف حمزة جهاز العرض ..

هؤلاء مسلمون ؟ لا يمكن ؟ الكفار مسلمون ؟ صحيح أن النساء لا يغطون وجوههم و أن هناك منهم أيضا كاسيات عاريات بلا غطاء للرأس أساسا  و لكن منذ متى كان الكفار يصلون .
استغرق حمزة في تفكيره و تأمله و بدى له أن كل ما تعلمه من شيخه الأثير مصعب محل شك و مراجعة
فضل استكمال الفيديو قبل الاستغراق في التفكير .
في هذه اللحظة اقتحم المنزل عدة رجال و قال أحدهم ( الكافر ابن الكافر يمارس المعاصي في منزله  ثم يتساءل الجميع لم غضب الله علينا ؟؟ من أمثالك يا عدو الله ) و قال اخر ( انما جزاء من يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا )
رد ثالث( ان الحكم الا لله و الله يا عمير لقد نطقت بحكم الله..اقتلوه )

قام الجميع بالتهافت عليه و تقطيعه اربا و في هذه الأثناء انسل أحدهم الي جهاز الفيديو و سحب الشريط ووضعه في جيب جلبابه و خرج بهدوء من المنزل.










No comments:

Post a Comment